والتعليق الذي يقصد به الإيقاع، فكيف [يكون] (?) هؤلاء أقل عذرًا ممن يقول الطلاق المعلق لا يقع بحال، وهو قول شاذٌ لا يُعرف عن أحدٍ من السلف؟ ! ثم هو قول في غايةِ الفسادِ، والفرقُ بين التعليق الذي يقصد به اليمين والتعليق الذي يقصد به الإيقاع في غاية القوة؛ بل نحن نعلم قطعًا أنه من الفرقان الذي بعث الله -تعالى- به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل به كتابه، ونعلم قطعًا أَنَّ الطلاق المعلق إذا قُصِدَ إيقاعه عند الصفة يقع، فهل يَجعل مَنْ سَوَّى بينهما في النفي أعذرُ ممن فَرَّقَ إلا مَنْ هو مِنْ أَبعدِ الناس عن معرفة دين الإسلام؟ ! بل هذا القول يستلزم قول الذين قالوا {لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51].
الوجه [التاسع]: أنه لو قال قائل: مَنْ منع وقوع الطلاق المعلق مطلقًا، أو قال: إِنَّ الطلاق المحلوف به لا طلاق فيه ولا كفارة فهو أعذر ممن ألزم الطلاق المعلق المحلوف به مطلقًا = لكان قولُ هذا القائل أَسَدُّ ممن جعل نافي الطلاق مطلقًا أعذر ممن فَرَّقَ بين التعليقين، لأنَّ ذاك يقولُ: الأصلُ بقاءُ النكاح، والأصلُ براءةُ الذمةِ من الكفارة، وهذه الأيمان نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تنعقد ولا كفارة فيها.
والملزِمُ بالطلاقِ إِنْ نازعه في كونها أيمانًا كابر مكابرة يعرفها العامة والخاصة.
وَإِنْ سَلَّمَ أنها أيمان، وقال: هي أيمان محرمة منهيٌّ عنها؛ بَطَلَ قَولُهُ.
وإِنْ قال: أيمانٌ منعقدة مُكَفَّرَة؛ بطل قوله.