وكنَّا نود لو دُوِّنَتْ تلك المذاهب كما دونت هذه، ولكن في كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - التي تَكَفَّلَ الله بحفظها بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9] كفايةٌ عن كل مذهب، وغناءٌ عن قولِ كُلِّ قائل.
ولقد كان بعض شيوخنا أشار عَليَّ بأنْ أعتني بجمع ما يتصل إلينا في الروايات من مذاهب السلف، فوجهت الهمة إلى (?) ذلك، فوجدت كثيرًا منها بألفاظ غير صريحة، بل ولا ظاهرةٍ فيما يُراد منها فانثنيتُ عن ذلك، والله أعلم) (?).
والجواب من وجوه:
أحدها: أنه ليس الكلام في جواز تقليد العامي لها، فإنَّ ذلك -أولًا- ينبني على جواز تقليد الميت، وعلى العلم بقوله (?)، وإنما الكلام في نقل إجماعهم ونزاعهم، فإنْ كانت مذاهب السلف لا تعلم، فلا يجوز الاحتجاج بإجماعهم، لا بإجماع الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم، وإنما يحتج بإجماع أهل المذاهب المصنفة التي صُنِّفَت فيها.
وحينئذٍ فيقال: الخلاف في زمن هؤلاء الأئمة موجود في تعليق الطلاق بالصفات، فضلًا عن الحلف به، وفي الحلف بالعتق -أيضًا- فإنَّ أبا عبد الرحمن الشافعي كان في عصر الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق ونحوهم من أهل المذاهب المشهورة، وقد نازع في تعليق الطلاق بالصفات