يقال له: ليس في اللفظ: أنها أفقه أهل المدينة، وإنما في اللفظ: إذا ذكرت امرأة بالمدينة فقيهة ذكرت زينب؛ فمن أين لك أَنَّ الراوي أراد الحصر؟ وأَن مراده إذا ذكرت بالمدينة فقيهة لم يذكر إلا زينب، ولم لا يجوز أَنْ يكون المراد: أنها كانت تذكر مع النساء الفقهاء بالمدينة؟ كما يقال: إذا ذُكِرَ الصالحون فحَيَّ هَلًا بعمر؛ أي: هو ممن يذكر، لم يقصد أنه لا صالح إلا عصر.
يُبَيِّنُ هذا؛ أَنَّ المدينة كان بها إذ ذاك جماعة من فقهاء النساء، لم تكن زينب مختصة بذلك، وكَان بها خلا (?) زينب: حفصة بنت عمر بن الخطاب، فمن أين يعلمْ أَنَّ الراوي قصد تفضيل فقه زينب على فقه حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها -؟
ثم إِنْ قُدِّرَ أَنَّ الراوي قصد أنها كانت أفقه نساء المدينة، فلا ريب أَنَّ عائشة - رضي الله عنها - لم تكن- حينئذٍ - موجودة؛ فيكون الصحيح رواية من ذكر ابن عمر وحفصة وزينب دون ذكر عائشة، لكن هذا لا يجزم فيه بالاحتمال.
الوجه السادس: قوله: (وبالجملة؛ فهذا محل اشتباه).
فيقال له: ليس فيه اشتباه يقدح في المقصود، والألفاظ المتقدمة في ذكر العتق مؤتلفة لا مختلفة.
فقوله: (حَلَفت بالهدي والعتاقة)؛ في رواية جسر، وقوله في رواية التيمي وأشعث: قالت: (كل مملوك لها حر) = مُصَدِّقٌ تلك الرواية لهاتين الروايتين لا تخالفها.