والمسائل المنقولة عن الحسن وغيره في العتق المعلَّق كثيرٌ منه ليس بيمين، بعضه يحتمل أَنْ يكون يمينًا ويحتمل ألا يكون، وما عُلِمَ أنه يمين لم يفتِ معه بأنَّ العتق لا يلزم، بل قد يكون هذا على إحدى الروايتين عنه في العتق وأنه يلزم ولا تجزئ فيه الكفارة.
فقد روى حرب الكرماني بإسناد متصل عن الحسن أنه إذا حلف بالطلاق والعتاق: لزمه دون ما سواهما (?)، فإذا ثبت عنه الإفتاء بلزوم الطلاق المحلوف به = كان هذا موافقًا لهذه الرواية المسوية بين الطلاق والعتق.
وأما على قوله بأن العتق المحلوف به لا يلزم فلا يمكن أَنْ يجزم بأنه يقول مع ذلك بلزوم الطلاق المحلوف به، بل تعليله يقتضي أنه لا فرق بينه وبين الطلاق.
وقد علم أَنَّ كثيرًا من المجتهدين يكون لهم في الأصل قولان، ثم قد يفتون في بعض فروعه على أحد القولين، كما أَنَّ أحمد بن حنبل له في جواز الاستثناء في الحلف بالطلاق قولان مع أَنَّ أصله ومذهبه أَنَّ الاستثناء لا يكون إلا فيما فيه الكفارة، فنفيه للكفارة في الحلف بالطلاق إنما يتوجَّه على قوله بنفي الاستثناء في الحلف به، وأما على قوله بالاستثناء فيه فإنَّ ذلك لا يمكن مع قوله إنه لا استثناء إلا فيما فيه الكفارة، وإِنْ لم يقل بذلك بطل أصل مذهبه = فَعُلِمَ أَنَّ فتياه بعدم التكفير لا يتوجه إلا على أحد قوليه دون قوله الآخر، وكذلك فتياه بلزوم الطلاق المحلوف به لا يتوجه إلا على قوله بعدم لزوم العتق المحلوف به لا على قوله الآخر.
* * *