بذلك القول الذي يطلب الإجماع على نقيضه، وأَنَّ هذا القول هو الثابت عن الصحابة، ولم يُنقل عنهم نقيضه إلا في روايةٍ ضعيفةٍ متروكةٍ بإجماعِ العلماء بعدهم، فيلزم مِنْ كونِ إجماع الصحابة حجة أو إجماع التابعين بعدهم حجةً أَنْ يكون الصواب هو القول بإجزاء الكفارة، لأنَّ الصحابة ليس لهم إلا قولان، وقد أجمع التابعون على ترك أحدهما = فتعين أَنْ يكون الصواب هو القول المذكور في حديث ليلى بنت العجماء بالتكفير في العتق وغيره.
ولا ريب أَنَّ هذا هو الصواب الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، مع دلالة الإجماع الخفي عليه، كما بيناه.
وحينئذٍ؛ فالطلاق لا يلزم الحالف بطريق الأولى، كما دَلَّ على ذلك كلامُ الصحابة عمومًا، فإنَّ الحلف بالطلاق ليس فيه نقلٌ خاصٌّ عن الصحابة لا نفيًا ولا إثباتًا، ولكن كلامهم وتعليلهم يقتضي أنه لا يلزم الحالف كالعتق وأولى، بل تجزئ فيه الكفارة.
فصلٌ
قال: (هذا الكلام كله في مذهب الحسن في العتق، وأما في الطلاق: فالرواية التي رواها ابن حزم بوقوع الطلاق لا معارض لها، والله أعلم) (?).
فيقال: لا ريب أنه لم يُنقل عن الحسن ولا غيره من السلف أنهم فَرَّقُوا في وقت واحد بين الحلف بالعتق والحلف بالطلاق، ولم يُنقل عن أحد من الصحابة ذلك، ولا الفرق بين الحلف بالطلاق والعتاق وغيرهما، ولكن هذا الفرق نُقِلَ في روايةٍ عن الحسن، وروي عنه من وجهين ما يخالفها.