وأما قولهم في الحلف بالطلاق والعتاق: إنه حكم معلق بشرط يوجد عند وجود شرطه، فينتقض بنذر اللجاج والغضب، فإنه معلق بشرط، وهو مع هذا يعذر فيه الناسي والجاهل لأنه يمين معفرة.
وأيضًا؛ فالحكم المعلق بشرط تارة يقصد به اليمين وتارة لا يقصد به اليمين، وقد ثبت بالنص والآثار والقياس أَنَّ قصد اليمين وصفٌ مؤثر، وهم يُسلِّمون ذلك، وحينئذٍ فلا يجوز إلغاؤه، والواجب أَنْ يُلحق الحالف بالطلاق والعتاق إذا فعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا بسائر الحالفين، كما هو مذهب جماهير السلف والخلف، فإن المشهور قولان: إما الحنث في الجميع، وإما عدم الحنث في الجميع.
وأما التفريق -فهو وإن اختاره طائفة كبيرة من أصحاب أحمد- فهو ضعيف، والذين نقلوا عن أحمد التسوية بمنزلة الذين نقلوا الفرق فيما وجدته من كلام أحمد، فلم يكن جوابه بالفرق أكثر من جوابه بالتسوية، ولكن اختار الفرق من اختاره من أصحابه كما يختارون أقوالا وغيرُها أكثر في أجوبته، كما اختار الخرقي والقاضي وغيرهما أن الماء المتغير بالطاهرات ليس بطهور، وأكثر أجوبة أحمد على أنه كالمتغيِّر بأصل الخِلْقَة وبما يشق صونه عنه (?).
وأما تفريق المعترض بين ما عورضوا به وبين ما يحلف بالعتق والطلاق، بأنَّ الأول التزام بخلاف هذا.
فيقال له: أولًا: التضعيف وارد على فرقهم بأن هذا فيه حق لآدمي