اليمين هو من الأيمان حكمه حكم الأيمان، أم هو من باب الطلاق والعتاق المعلق على شرط؟
وأحمد -رحمة الله عليه- قد اختلف كلامه في ذلك كما اختلف كلام غيره، واختلف في ذلك السلف والخلف، لكن الثابت المشهور عن الصحابة -رضوان الله عليهم- أَنَّ هذا التعليق من باب الأيمان حكمه حكم الأيمان المكفَّرة، والمجيب لم يقصد تسمية هذا أيمانًا، فإنَّ هذا قد سلمه من ينازع في حكم هذه اليمين، بل قصده أَنَّ أحمد في إحدى الروايتين جعل حكمه حكم الأيمان لا حكم التعليقات التي ليست أيمانًا؛ فإنه لما فَرَّقَ بين أن يفعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا وبين أن يفعل عمدًا كان هذا [هو] (?) الفرق، لأنَّ الحض والمنع في الأيمان كالطاعة والمعصية في الأمر والنهي لا يكون عاصيًا إذا فعل المحلوف عليه ناسيًا = فكذلك لا يكون حانثًا، فلو كان تعليق الأيمان كالتعليق المحض لم يصح هذا، وإنما يصح إذا كان معنى اليمين معتبرًا في التعليق.
لكن لقائل أَنْ يقول: المعتبر هنا أنه قصد الحض والمنع ولم تحصل المخالفة عمدًا، وهذا أمر مشترك بين اليمين والوعيد وسائر صور الأمر والنهي، فلو قال: إن فعلتَ كذا فعلتُ بك وصنعتُ؛ لم يكن هذا يمينًا، ومع هذا إذا فعله ناسيًا لم يستحق الوعيد.
وإذا كان المؤثِّر هنا هو أمرًا أعم من كونه يمينًا وهو الحض والمنع -وهو الذي يظنه المعترض معنى اليمين- لم يكن في هذا ما يدل على أَنَّ أحمد اعتبر في ذلك خصوص اليمين، وهو التزامٌ يكره لزومه له، لكن هذا