التبرر لغير الغَلْقِ.
فقد بين الشافعي قول عطاء الذي يوافقه عليه الشافعي، وهو: أَنَّ الناذر نذر اللجاج والغضب -وهو غلق الأيمان- لا يكون تبررًا يريد اللهَ بِهِ، وإنما يعمل التبرر لغير الغلق، وجعل كونه لا يراد الله به هو الموجب لكونه يمينًا مكفرة= فهكذا ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ مع أن عطاء والشافعي لا يشترطون في نقل الملك قصد التقرب، بل مقصودهم أَنَّ الناذر هو الذي يقصد التزام ما يتقرب به إلى الله، وهذا لم يقصد التقرب إلى الله فليس بناذر، والمسلم من شأنه أن يفعل القربة تقربًا إلى الله بها، فيعتق ويهدي ويضحي ويتصدق تقربًا إلى الله -تعالى-.
فإذا حلف بلزوم العتق والصدقة والهدي والأضحية لم يكن قصده التقرب إلى الله بذلك، لأنه لم يقصد أن يلزمه ذلك فيمتنع أن يقصد التقرب بشيء لم يقصد لزومه، فلو قَصدَ لزومه لَقَصَدَ التقرب به في عادة المسلمين، ولكن انتفى قصد لزومه فانتفى قصد التقرب به، فلهذا قال ابن عباس وعطاء والشافعي وغيرهم: إنه إذا لم يقصد التبرر لم يلزمه، بل هو حالف لا لأنه عندهم قصد لزومه ولم يقصد التقرب به، بل لم يقصد لزومه بحال، ثم إذا جعله لازمًا وفعله يفعله لكونه لزمه بالحنث لا لقصد التقرب به.
ومن الناس كابن جرير من يجعل المنذور نذر التبرر لا يقصد به التقرب إلى الله، لكنه قصد المكافأة، وهو مع هذا لازم عندهم وهم ذكروا الإجماع على ذلك، وهذا أرادوا به الفرق بين من يفعله لأنه نذره فيلزمه وبين من يفعله ابتداءً، وأما الحالف به فلم يقصد لزومه لا لله ولا لغير