ثم قال: (فإنْ قلتَ: فيلزم أن العتق المنجز لا يقع إذا لم ينو التقرب به، وأن النذر المنجز أو المعلق إذا لم يقصد التقرب به لا يقع) (?).
وقال: (قلتُ: أما الأول: فإما أَنْ يلتزم (?) ذلك على مذهب أبي ثور وَيُفَرِّق بين الطلال والعتق، وإما أَنْ يقول: قصد التقرب لا يشترط إلَّا للثواب (?) ((?)، ولم يجُبْ عن قصد النذر؛ وقد تقدم الكلام على ما في هذا الكلام من الفساد (?)، والمقصود هنا الإشارة.
ثم نقول جوابًا عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أن ابن عبَّاس تَكَلَّمَ بصيغةِ حصر، وصيغةُ الحصر يُنفى بها ما كان من جنس المثبت، لا يُنفى بها كل ما سوى المثبت؛ كقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد: 7] {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيهِمْ بِمُصَيطِرٍ} [الغاشية: 21 - 22]، فهو لم ينف جميع الصفات سوى الإنذار، فإنه مبشر مع كونه منذر، وهو شاهد وداعٍ إلى الله - تعالى -كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} [الأحزاب: 45، 46] فوصفه بأربع صفات، وكونه نذيرًا واحد منها فليس مراده بقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} لست ببشيرٍ ولا شاهدٍ ولا داعٍ إلى الله، وإنَّما مقصوده: نَفْيُ كونه يهدي من يشاء ويضل من يشاء،