وإذا جعله لازمًا مع كراهته للملزوم ومع كراهته للازم وإن وجد الملزوم = لم يجب أن يكون قد أراده إذا وجد الملزوم، فإنه في حال كونه كارهًا للازم كراهة تامة مانعة من قصد الفعل لا يكون مريدًا له، وهو كاره له كراهة تامة وإن وجد الملزوم أو لم يوجد، فلا يكون مريدًا له إذا وجد الملزوم.
وإذا قيل للحالف الذي قال: إِنْ سافرتُ معكم فعل الله بي كذا وكذا؛ أتريد إذا سافرت معهم أن يسلبك الله نعمته عليك في الدين والدنيا ويعذبك بهذه اللوازم؟
لقال: لا والله؛ ما أريد ذلك قط، سافرتُ أو لم أسافر، لكن جعلت هذه الأمور التي لا أريدها قط لازمةً للسفر لئلا أسافر، فليس قصدي إلَّا منع نفسي من السفر، ووكدت ذلك بالتزام هذه المكروهات العظيمة الكراهة التي يمتنع أن أريدها على تقدير الفعل، لِأَنْ أَمتنع بذلك من ذلك التقدير، ولاعتقادي أَنَّ ذلك التقدير لا يقع، ولو اعتقدت أن ذلك التقدير يقع لم ألتزم هذا، ولم أجعل هذا لازمًا له.
والقائل قد يلتزم على التقدير الممتنع ما لا يقصده البتة، بل ما يمتنع كونه في خبره وفي إنشائه؛ ففي الخبر كقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فهو جعل الفساد لازمًا للآلهة ليخبر بوجود الفساد بتقدير وجود الآلهة؛ فإن هذا التقدير ممتنع، فلا يكاد يتصور أَنْ يكون ليكون عنده الفساد، بل المقصود: نفي هذا وهذا؛ أي: فلا فساد فيهما، فليس فيهما إله غير الله.