هؤلاء الصحابة أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطلاق بالملك يقع به في الخصوص، فكان هذا كمن عَلَّقَ الطلاق بعدُ بالملك، وهم في الجميع يقولون: من حلف بالطلاق وحنث لزمه الطلاق؛ كما ذكره أَبو مصعب (?) من أقوالهم في مصنفه الذي صنفه في مذهبهم (?)، وهو إجماع المتأخرين من أهل المدينة.
قال أَبو مصعب في مختصره: قد أجمع أهل المدينة ودار الهجرة وبلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أقوال في الحلال والحرام لم يختلفوا في ذلك، واختلفوا في أمر فتناظروا فيه وبحثوا عن أصله حتَّى انتهى بهم الحق إلى ما كتبت في كل باب مما يحتاج إلى علمه؛ فكان من ذلك ما أجمعوا عليه وذكروه من السنة، وذَكره على أَبواب الفقه، وذَكَرَ فيه مسائل من الحلف بالطلاق؛ منها: ومَنْ حَلَفَ بالطلاق لا تخرج زوجته إلى أهلها فخرجت إليهم فقد طلقت مكانها ولا ينتظر بذلك بلوغها إياهم، وكذلك لو رَدَّهَا بعد ذهابها لطلقت عليه، وكذلك لو حَلَفَ لا تحج فخرجت وأحرمت من الميقات فهي طالق، وإِنْ رَدَّهَا بعد إحرامها فهي طالق.
فأَبو مصعب يذكر مثل هذه المسائل عن أهل المدينة، ومعلوم أَنَّ مراده بذلك أهل المدينة المتأخرون -ربيعة وابن هرمز وأمثالهما- لا الصحابة ولا أكابر التابعين، فإنَّ مثل هذه المسائل لا يمكن نقلها عن أحد من الصحابة