الطلاق المحلوف به، والرواية الضعيفة المرجوحة التي لم توافق تعضد القول بوقوع الطلاق.
وقد قدمنا أن هذه الرواية لم يقل بجميع ما فيها أحد من علماء المسلمين؛ فهذا العاضد هو مخالف لإجماع المسلمين، والعلم بعدم النزاع في ذلك أظهر من العلم بعدم النزاع في الطلاق.
وأما قوله: (ويعضده رواية مالك في الموطأ عن عمر وابن عمر وغيرهما -كما تقدم (?) - كانوا يقولون: إذا حلف الرجل بطلاق امرأته قبل أن ينكحها، ثم أَثِمَ أن ذلك لازم له. رواه بلاغًا. وإذا كان هذا قول ابن عمر قبل النكاح، فما ظنك بما بعده؟ ).
فقد تقدم جواب ذلك؛ وأنه من المعلوم الفرقُ بينَ أَنْ يُعَلِّقَ الطلاق على النكاح وبين أن يحلف بذلك، فالأول أَنْ يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو يقال له: تَزَوَّج. فيقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق. وأما الثاني: فمثل التحليف في أيمان البيعة وغيرها مثل أَنْ يقول: إن فعلت كذا فكل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق.
والآثار المروية عن الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك إنما هي فيمن عَلَّقَ الطلاق على النكاح؛ فأما الحلف بذلك فلم يَنقل أحد عن الصحابة في ذلك شيئًا، فإنهم لم يكونوا قد اعتادوا الحلف بالطلاق الذي يقع بالاتفاق؛ فكيف بالحلف بالطلاق على الملك؟ والحلف بالطلاق كان نادرًا؛ فكيف بالحلف بنادر النادر؟ !