ومن جزم بخطأ الصحابة ولا مستند له إلا عدم علمه كان هو أحق بالخطأ من الصحابة، ولا ريب أن من ظن إجماعًا في هذه المسألة فهو مخطئ قطعًا، لا سيما من ظن إجماعًا على وقوع الطلاق، فإن النزاع في وقوع الطلاق معروف عن غير واحد من العلماء قديمًا وحديثًا؛ منهم من يقول الطلاق المعلَّق بالصفة لا يقع بحال، ومنهم مَنْ يُفَرِّق بين التعليق الذي يقصد به اليمين والذي يقصد به الإيقاع؛ وعلى هذا القول فإذا قصد به اليمين لم يلزمه، وهل عليه كفارة؟ على قولين؛ فهذه ثلاثة أقوال أخر للمسلمين وهي أقوال [معروفة] (?)، فخطأ من لم يعلم النزاع معلوم قطعًا.
وأما الصحابة الذين خَطَّأهم هؤلاء فلم يقولوا قولًا يظهر فيه خطؤهم، بل الكتاب والسنة والاعتبار يدل على صواب أقوال الصحابة -رضي الله عنهم-، فكيف يحكم بخطئهم دون خطأ الذين قد علمنا قطعًا أن في نقلهم خطأ عليهم، بل وعلى غيرهم من الصحابة والتابعين؟ ! فإنه من لم يُنقل عنه من الصحابة فتيا لا بالتكفير ولا باللزوم لا يجوز أن يقول: هو كان يعتقد لزوم الطلاق أو الطلاق المحلوف به؛ فكيف إذا كان مِنْ قوله: أَنَّ العتقَ المحلوف به لا يلزم بل يجزئ فيه كفارة يمين؟ كيف يجوز مع ذلك أن يحكم عليه أنه [اعتقد] (?) فرقًا يعلم أنه خطأ وهو لم يفرق؟