نظيرها كقوله فيها، أو أسكت عن التخريج، فأما أَنْ أجعل قوله في نظيرها مخالفًا لقوله فيها، ثم أحكم بخطئه = فهذا لا يفعله أحد من العلماء بأحد ممن هو دون الصحابة فضلًا عن الصحابة، ولا يُجَوِّزُ مثلَ هذا مَنْ يدري ما يقول، وما علمتُ عالمًا فعل هذا بالصحابة.
فإنَّ أبا ثور وإن ظن الإجماع، فهو يقول بالفرق بين الطلاق والعتق؛ فعلى قول أبي ثور: يكون هؤلاء الصحابة فَرَّقُوا بين الطلاق والعتق، والفرق صحيح، [و] (?) هو حكم الله -عزَّ وجلَّ- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، لا يقول أبو ثور: إنهم فرقوا وأخطأوا في الفرق.
ومن جعل هذا الفرق باطلًا وسَوَّى بين العتق والطلاق إما في اللزوم وإما في عدمه كسائر العلماء من الأئمة كأبي حنيفة ومالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل، بل داود [بن علي] (?) وغيره = لم يحك أَحَدٌ من هؤلاء إجماعًا لا على وقوع الطلاق ولا [العتاق] (?).
والذين جاؤوا بعد أبي ثور مثل: محمد بن نصر وابن عبد البر نقلوا الإجماع الذي ظَنَّهُ أبو ثور مع تسويتهم بين الطلاق والعتاق، ومع نقلهم لأقوال الصحابة الذين أفتوا في الحلف بالعتق بكفارة يمين؛ فهؤلاء يلزمهم أَنْ يُخَطِّئُوا الصحابة، وأَنْ يُقَوِّلُوهم ما لم يقولوه، ويقولوا مع ذلك إنهم أخطأوا فيه، ولا علم عندهم بذلك إلا تقليد أبي ثور في إجماعٍ ليس عنده فيه إلا عدم العلم.