في الأيمان، والأيمان فيها الكفارة، لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} [المائدة: 89] فأثبت سبحانه لتعقيد الأيمان كفارة دون اللغو، والطلاق والعتاق لا كفارة فيهما ولا لغو في إيقاعهما فلا يكونان من الأيمان فلا يكفران؛ هذا معنى كلامه.
فإذا قال مع هذا: إنَّ الحلف بالطلاق والعتاق لا استثناء فيهما ولا كفارة= اِطَّرَدَ قوله هذا، ونازعه مَنْ ينازعه في أن ذلك يمين أم لا، وإن قال مع ذلك: إنَّ الحلف بهما يجوز فيه الاستثناء ولا يجوز في إيقاعهما= صحَّ مع هذا أن يقول: إنَّ الطلاق والعتاق لا استثناء في إيقاعهما، كما أنه لا كفارة في إيقاعهما باتفاق المسلمين، فإن هذا مما لا ينازع فيه مسلم، ولزم إذا قال في الحلف بهما استثناء أن يكون في الحلف بهما تكفير، وأن يفرق في التكفير بين الحلف بهما والإيقاع لهما، كما فرق في الاستثناء بين الحلف بهما وبين الإيقاع بهما، وإلا انتقض علته ومذهبه ودليله حيث قال: الاستثناء فيما يكفر، وقيل له: الاستثناء عندك ينفع فيما يكفَّر وما لا يكفَّر، ولم يمكنه مع هذا أن يقول كل يمين فيها كفارة إلا ألزمهما مع قوله إنَّ في اليمين بهما الاستثناء دون الكفارة.
ومما يوضح ذلك: أن أصحابه -كأبي محمد وغيره- احتجوا على جواز الاستثناء في تعليقهما على وجه اليمين، بأنَّ هذا يمين فتدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ فقال: إنَّ شاء الله؛ فلا حنث عليه" (?) فيجب على هذا: أن