الاستثناء، وليس هو من الأيمان المكفرة= لكان هذا تناقضًا لا يخفى على أدنى الناس، فضلًا عمن هو مثل أحمد.
وقوله: إنَّ الطلاق والعتاق لا ينفع فيه الاستثناء، لأن الاستثناء إنما يكون فيما فيه كفارة، والطلاق والعتاق لا يكفران فلا استثناء فيهما؛ فإنه إذا قيل له: ما معنى قولك: الطلاق والعتاق لا يكفران ولا استثناء فيهما؟ أي: لا يكفر إيقاعهما ولا يستثنى في ذلك، والحلف بهما -أيضًا- لا يكفر ولا يستثنى فيه= كان قد طَرَدَ قوله. وأما إذا قال: الحلف بهما يستثنى فيه، وقال مع ذلك [لا] (?) يُكَفَّرَان= كان هذا مبطلًا لأصل كلامه، بل يجب أن يقول مع ذلك: إذا كان فيهما استثناء= ففيهما كفارة.
والعام الذي يُقَدَّمُ عليه الخاص إنما يكون في الصيغ العامة، فأما المعاني والعلل والأدلة التي يستدل بها المستدل= فلا يقبل منه أن ينقضها ويخصها من غير بيان فرق بين صورة النقض وصورة الاستدلال (?)، فإذا جعل عدم التكفير مستلزمًا لعدم الاستثناء، واستدل بذلك على أن ما لا كفارة فيه لا استثناء فيه، وكان من الصور ما فيه استثناء دون الكفارة= بطلت علته ودليله ومذهبه، ولا يقبل منه أن يقول: هذا خاص وهذا عام إنَّ لم يبين ما يوجب الفرق، ولو جاز هذا ما بطلَ دليلُ أحدٍ ولا علته؛ فمن كان يقول: الاستثناء في الأيمان المكفرة دون ما لا كفارة فيه لأن ذلك هو اليمين؛ فاليمين عنده لها لازمان: الكفارة والاستثناء، فإذا قيل: من الأيمان ما يستثنى ولا يكفر= انتقض أصله ودليله وعلته.