فلم تقبلي فتياهما. قالت: يا أبا عبد الرحمن؛ جعلني الله فداك، إنها قالت: كل مملوك لها حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية وهي نصرانية. فقال: يهودية ونصرانية! كَفِّرِي عن يمينك، وَخَلِّ بين الرجل وبين امرأته.
قال: قلتُ: هذا الأثر عمدته في النقل عن هؤلاء الصحابة، والكلام عليه في أمرين:
أحدهما: في إثبات الحلف بالعتق فيه، وسيأتي الكلام في ذلك عند كلام الإمام أحمد عليه، وأجمع طرقه -إن شاء الله تعالى-.
والثاني: على تقدير صحته فنقول: إنَّ لفظ زينب وابن عمر (?) كما رأيت كل منهما صدَّر فتياه بقوله يهودية ونصرانية؟ ! فيحتمل أن يكون اقتصر في الجواب على هذه اليمين؛ لعظمها عند المستفتية، وتوهمها أن لا مُخَلِّصَ منها، وأنَّ مقتضاها الخروج من الدين الذي لا شيء عند المسلم أخوف منه، وسكت عن العتق والصدقة لسهولة أمرهما عليها (?)، وفي تصدير كل منهما فتياه بذلك إشعار بما قلناه، وإن لم يكن ظاهرًا فهو محتمل، وكأنه قال: كفري عن يمينك [هذه.
وفي الرواية عن زينب نظرٌ آخر، وهو: أنَّ الراوي قال عنها: خلِّ بين الرجل وبين امرأته؛ يعني: كفري عن يمينك] (?)؛ فزينب لم تقل: وكفري يمينك، فلعل ذلك فَهْمٌ من الراوي؛ فمن أين أن مراد زينب ذلك؟ ولعلهما أرادا أن التفريق بين الزوجين حرام، وهذه اليمين معصية، فَخَلِّ بين الرجل وبين امرأته، وَإِنْ أَوجَبَ