ثم ظهر لي من حاله ما يَقتضي أنه ليس ممن يُعتمد عليه في نقلٍ يَنفرد به؛ لمسارعته إلى النقل لفهمه، كما في هذه المسألة -وهي مسألة قول الواقف: وقفتُ على أولادي، ثم أولاد أولادي-، ولا في بحثٍ يُنشئه؛ لِخَلْطِهِ المقصود بغيره، وخروجه عن الحدِّ جدًّا، وهو كان مكثرًا من الحفظ، ولم يتهذَّب بشيخ، ولم يَرْتَض من العلوم؛ بل يأخذها بذهنه، مع جسارته، واتساع خياله، وشَغَبٍ كثيرٍ!
ثم بلغني من حاله ما يَقتضي الإعراضَ عن النظر في كلامِهِ جملةً، وكان الناس في حياته ابتلوا بالكلام معه للردِّ عليه، وحُبِسَ بإجماعِ المسلمين وولاة الأمور على ذلك! ثم مات) (?).
وفي المقابل؛ فقد تكلم ابن تيمية في السبكي بكلام شديد من نحو تجهيله واتهامه بتحريف الكلم عن مواضعه. . . ونحو ذلك؛ كما سيأتي في كتابنا هذا.
ولست في مقام المحاكمة بين ابن تيمية والسبكي، فقد (مضى -ابن تيمية- لسبيله راجيًا من الله أجرًا أو أجرين، وهو ومنازعوه يوم القيامة عند ربهم يختصمون) (?).
موقف السبكي من مسألة تعليق الطلاق:
كانت الفتوى السائدة المنتشرة هي القول بوقوع الطلاق المعلَّق مطلقًا، سواء قصد منه القائل حثًّا أو منعًا أو لم يقصد، وسواء أكان كارهًا وقوعه