والجواب بعد النزول عن المطالبة بصحة الحديث: بأنه ليس فيه حجة على محل النزاع؛ فلهذا لم نحتجْ إلى المطالبة بصحته، وذلك أَنَّ قولَهُ: "برئت منكم ذمة الله إن كان عندكما شيء"، وقوله (?): "برئت ذمة الله منكم إن كتمتم شيئًا" ليس من الأيمان المعقودة، بل هو من جنس تعليق فسح العقود على الشروط، كقول المشتري: إِنْ جئتك بالثمن إلى وقت كذا وإلا فلا بيع بيننا، وسواء كان هذا الشرط صحيحًا أو فاسدًا، فإنَّ في ذلك نزاعًا بين العلماء، وأكثرهم على أنه شرط صحيح، وذلك منقول عن ابن عباس - رضي الله عنه -، ومثل قول أحد الشريكين للآخر: إِنْ خالفتَ شرطي فلا شركةَ بيننا أو فقد فسخت الشركة، وقول الوكيل لوكيله: إِنْ لم تفعل كذا فقد عزلتك عن الوكالة؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَّقَ براءته من الذمة التي بينه وبينهم على كتمان شيء.
وكذلك في شروط عمر - رضي الله عنه - على النصارى (?) شَرَطَ مثل هذا، فقال: إِنْ خالفتم شيئًا مما شرطناه عليكم فقد حَلَّ لنا منكم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق (?)، وليس هذا وأمثاله من جنس الأيمان التي فرض الله