حدثنا أبو الأسود، عن عروة بن الزبير: ثم إنَّ المسلمين حاصروا اليهود أشدَّ الحصار، فلمَّا رأوا ذلك سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأَمَنةَ على دمائهم ويتبرؤون (?) له من خيبر وأرضها وما كان لهم من مال، فقاضاهم على الصفراء والبيضاء -وهو: الدينار والدرهم- وعلى الحلقة -وهي: الأداة- وعلى البَزِّ إلا ثوبًا على ظهر إنسان، وبرئت ذمة الله منكم إن كتمتم شيئًا، ثم ذكر بقينه إلى أنْ قال: [ثم إن] (?) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الزبير فدفع كنانة بن أبي الحقيق إلى محمد بن مسلمة فقتله (?).
فهذه القصة تضمنت التعليق المقصود به المنع من الكتمان، ولما كتموا ترتب عليه مشروطه وهو براءة ذمة الله وذمة رسوله، لأمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل كنانة بن أبي الحقيق، وكذلك القصة الأولى تضمنت تعليقًا مقصودًا به التصديق.
فإنْ قلتَ: القتلُ لم يكن بمقتضى الشرط، وإنما كان لأنَّ المصالحة وقعت على الوفاء بالشرط، فلمَّا لم يفوا به رجعوا إلى الأصل الذي كانوا عليه وهو الحرابة.
قلتُ: ابن تيمية يَدَّعِي أَنَّ الشرط متى لم يكن مقصودًا في نفسه، وَقُصِدَ به حث أو منع أو تصديق أو تكذيب لم يترتب عليه إلا الكفارة وهذه القصة ترد عليه، والله أعلم) (?).