كانوا يبايعون بيعة مطلقةً (?)، ثم لما حَدَثَ غَدْرُ الناس ونكثهم لبيعة أئمتهم وحدث ظلم الأئمة لهم صاروا يُغلِّظون مبايعتهم بالإقسام باسم الله، وتارة يَضُمُّونَ إلى ذلك ما يحلف به من أيمان المسلمين أو بعض ذلك.
ومن المعلوم أنَّ هذا التغليظ لا يُغَيِّرُ حكمَ الله ورسوله؛ بل ما أوجبه الله من طاعة ولاة الأمور (?) وحَرَّمَهُ من غِشِّهم والخروج عليهم= فهذا واجب ومحرم بدون البيعة، ومبايعتهم على ذلك مبايعة على ما هو واجب بدون المبايعة؛ كما أنَّ مبايعة الصحابة للرسول - صلى الله عليه وسلم - مبايعة على ما هو واجب عليهم بدون المبايعة، فإنَّ طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة فيما يأمرهم به، بايعوه أو لم يبايعوه، ولكن مبايعته التزام لأداء هذا الواجب بالشرع، كذلك المبايعة الشرعية لولاة الأمور التزام لما أوجبه الله -تعالى- ورسوله لهم بالشرع، ليس في المبايعة لهم تغيير لما أمر الله به ورسوله (?).
ثم لما أحدث الناس أَنْ يُقْسِمُوا على ذلك ويحلفوا عليه كانت هذه الأيمان مُؤَكِّدَةً لما أوجبه الله ورسوله ليست مغيرة لشرع الله ورسوله؛ فالواجب بها واجب وإن لم يحلف الحالف بها، ومن حلف بها على فعل محرم أو ترك واجب لم يكن له أن يفي بموجبها؛ فالكفار والمنافقون (?) إذا حلَّفوا المسلم على أنَّه يعاونهم على الكفر بالله ومعصيته ومعصية رسوله