- فصل في الجواب عن قول المعترض: (وإدراج الحلف بالطلاق في أيمان المسلمين إنما كان لإدخال من أدخلها في البيعة)

الاجتهاد فاتبع ما اعتقده حكم الله ورسوله= فإنه له أجر وخطؤه مغفور له؛ كالمجتهدين في جهة الكعبة من أصاب القبلة باطنًا وظاهرًا كان له أجران، ومن اعتقد أنه يصلي إلى الكعبة سقط الفرض عنه ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وإن كان قد استقبل ما يعتقده الكعبة لم يستقبل نفس الكعبة.

فصلٌ

قوله: (وإدراج الحلف بالطلاق في أيمان المسلمين إنما كان لإدخال مَنْ أدخلها في البيعة) (?).

فيقال: ليس الأمر كذلك؛ ولا هذا الإدخال والتسمية مختصًا بالحلف بالطلاق، بل أهل الأرض كلُّهم على اختلاف عقولهم وأديانهم ومذاهبهم يسمون كل من عَلَّقَ تعليقًا يقصد به اليمين يكره فيه لزوم الجزاء وإن وجد الشرط= حالفًا، ويسمون هذا يمينًا، وتسمية مثلِ هذا حَلِفًا ويمينًا وتسمية صاحبه حالفًا يمينًا (?) مشهورٌ عند العامة والخاصة؛ إما أن يكون مثل شهرةِ الاقتضاء واللزوم عندهم أو أشهر من ذلك، فإنَّ تسميته يمينًا أَمْرٌ يتكلم به اللسان وتسمعه الآذان وتعقل معناه القلوب، وأما مجرد اللزوم فهو معنًى عقلي، وما يُعلم بالحس والعقل فهو أشهر مما يُعلم بالعقل وحده.

وكذلك علم الأمم كلها بأن الحالف يكره وقوع الجزاء مشهور عند العامة والخاصة، وليس شهرة هذا بدون شهرة الاقتضاء؛ بل يقال: هو أشهر منه؛ لأنَّ علم الإنسان بكراهة نفسه مثلُ عِلْمِهِ بحبِّه وبغضه وعزمه وقصده وجوعه وعطشه ونحو ذلك من الأمور التي يجدها من نفسه ويحسها من باطنه فهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015