وهذا الأصل الثاني فاسدٌ مخالفٌ للكتاب والسنة وإجماع الأئمة وسائر علماء الأمة المعروفين (?)، فإنَّ الخلاف الذي حكاه بعض المتأخرين عن بعض أهل الحديث من أَنَّ كلَّ ناذرٍ يخير بين الوفاء والتكفير قولٌ باطلٌ، لا يُعرف به قائل معروف، وقد حكوه عن أحمد، وهو خطأ على أحمد، ونصوصُ أحمد وأصحابه المتواترة على وجوب الوفاء بالنذر، وأنه ليس لكل ناذر أَنْ يمتنع من الوفاء ويكفر كما له مثل ذلك في اليمين= أشهرُ وأكثر من أَنْ يمكن ذكرها هنا.
ولكن أحمد يقول ما قاله جمهور السلف من أَنَّ كُلَّ مَنْ لم يُوفِ بنذره، لا بالمنذور ولا ببدله الشرعي فعليه كفارة يمين، لكن لا يجوز له أَنْ يترك الوفاء بالنذر ويُكفِّر كما يجوز للحالف على فعل مباح أَنْ يترك ما حَلَفَ عليه ويكفر، بل أحمد مذهبه مذهب سائر علماء المسلمين أَنَّ نذر الطاعة يجب الوفاء به كما دَلَّ عليه الكتاب والسنة.
ولو قُدِّرَ أَنَّ قائلًا قال هذا القول؛ فهذا مخالفٌ للكتاب والسنة ولإجماع السلف، ولمذاهب سائر علماء المسلمين المعروفين الأربعة وغير الأربعة.
ولو قُدِّرَ أنه مذهب سائغٌ؛ فالكلام هنا مع من يُسَلِّم وجوبَ الوفاء بنذر التبرر مع أنه ملتزم فيه، كما هو ملتزمٌ في نَذْرِ اللجاج والغضب، فلو كان في كليهما (?) ناذر حقيقة وهو في كليهما قاصد (?) للزوم الجزاء عند الشرط = لكان الواجب التكفير فيهما، وليس الأمر كذلك؛ فإنَّ الكفارة لا تَسُدُّ مَسَدَّ