بالبداء، إلى كثير من أمثال ذلك، فهو عبارة عن إظهار الله جل شأنه أمراً يرسم في ألواح المحو والإثبات وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقربين أو أحد الأنبياء والمرسلين فيخبر الملك به النبي، والنبي يخبر به أمته، لم يقع بعد ذلك خلافه لأنه محاه وأوجد في الخارج غيره وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم ولكن في علمه المخزون المصون الذي لم يطلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ممتحن، وهذا المقام من العلم هو المعبر عنه القرآن الكريم بأم الكتاب المشار إليه، وإلى المقام الأول بقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، ولا يتوهم الضعيف أن هذا الإخفاء والإبداء يكون من قبيل الإغراء بالجهل وبيان خلاف الواقع، فإن في ذلك حكماً ومصالح تقصر عنها العقول وتقف عندها الألباب (?).
ثم إن القوم لم يقفوا في سرد الروايات لدعم عقيدتهم هذه إلى هذا الحد بل قالوا: إن نبي الله لوطاً عليه السلام كان يخاف من البداء لله إلى حد أنه طالب ملائكة العذاب أن يعجلوا بقومه العذاب كي لا تتغير إرادة الله فيهم بسبب من الأسباب التي خفيت عليه وتظهر فيما بعد.
وهذه هي عبارة القوم نقلاً عن محمد الباقر بعد ذكر رسل الله الذين أرسلوا إلى قوم لوط:
قال لهم لوط: يا رسول ربي فما أمركم ربي فيهم؟
قالوا: أمرنا أن نأخذهم بالسحر.
قال: فلي إليكم حاجة.
قالوا: وما حاجتك؟
قال: تأخذونهم الساعة، فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم.
فقالوا: يا لوط، إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب (?).
وقد بالغوا هذا حتى قالوا نقلاً عن محمد الباقر: أنه قال: