فهذا هو وجه حكمنا على الحديث بالبطلان، لا ما صوره الشيخ من الإحالة العقلية! وكأن حضرة الشيخ تنبه لهذا الوجه الصحيح ولذلك حاول الإجابة عنه بقوله (ص 10): "ولو فرضنا عدم وجودها في ذلك العصر فلا استحالة عقلًا في أن يحض النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على شيء ليس بمعروف لهم ليعمل به إذا وجد ... ".
ثم أني على ذلك بمثالين:
الأول: حديث نبيط الأشجعي مرفوعًا: (إن أشد أمتي حبًا لي قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، يعملون بما في الورق المعلق) رواه ابن عساكر. وذكر الشيخ له في التعليق شاهدًا من حديث عمر برواية الحاكم.
الثاني: "حديث أبي داود عن النواس بن سمعان: "ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق".
ضعف الحديث الأول وقصور الشيخ في تخريج الثاني! وبيان عدم دلالتها على غرضه! والجواب على المثال الأول من وجهين:
الأول: عدم التسليم بصحته، فإن في حديث ابن عساكر رجلًا كذابًا، وآخر ضعيفًا، وفي إسناد الحاكم راو ضعيف جدًا قال فيه البخاري: "منكر الحديث" (?) وقال النسائي: "ليس بثقة"، ولذلك رد الذهبي على الحاكم تصحيحه إياه، وللحديث طريق ثالث هو خير من الأولين وهو ضعيف أيضًا، وتفصيل الكلام عليها سيأتي إن شاء الله في مقالات "الأحاديث الضعيفة" التي تبين ضعف كثير من الأحاديث التي يظن صحتها بعض الخاصة فضلا عن العامة!
الوجه الثاني: أن الحديث لو صح فهو صريح في أن "الورق المعلق" -وهو كناية عن المصاحف والكتب- لم تكن في عهده -صلى الله عليه وسلم- فهو عليه الصلاة والسلام يمدح الذين ليسوا