نسخ الحديث بالآية؟ فإن هذا مخالف لما هو مقرر في علم أصول الفقه فما مثلهم إلا كمثل من قد يقول: إن حديث:
(صحيح) " لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا " (متفق عليه) منسوخ بقوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة: 38] وأن قوله صلى الله عليه وسلم في البحر:
(صحيح) " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " - وما في معناه - منسوخ بقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) [المائدة: 3] والأمثلة في ذلك كثيرة وكثيرة جدا ولذلك صرح الشوكاني باستثناء الوجه والكفين مستدلا بهذا الحديث كما تقدم آنفا
ثم بدا لي وجه ثالث: وهو أنه إنما يصح الحمل المذكور على فرض أن الحجة في مسألتنا إنما هي البقاء على الأصل ألا وهو الإباحة فحينذاك يصح الحمل المذكور أما والواقع ليس كذلك - لأن البحث في هذا الحديث على التسليم بصحته - فالحمل المذكور باطل إذ كيف يحمل على ما قبل الحجاب أو الجلباب وهو معه في تحريم عدم تستر المرأة بالجلباب؟ أي: في النقل عن الأصل ويزيد على آية الجلباب أنه استثنى منه الوجه والكفين - كما تقدم بيانه - وهذا واضح جدا
وبهذا يتبين أيضا سقوط كلام الأخ الإسكندراني في كتابه (3 / 344) الذي حاول به دعم الحمل المذكور بكلام نقله عني حول الذهب المحلق متوهما أنه حجة علي لغفلة عن الفرق بين ما هو الأصل فينقل عنه بالنص العام وبين النص الناقل عن الأصل مقرونا بالاستثناء الدال على
[125]