9آلاف نفس. ويقال إن المسلمين من هؤلاء السكّان متمسكّون بدينهم تمسكّاً شديداً بلغ بهم إلى درجة التعصّب، ثمّ إنّهم غاية في الشهامة والشجاعة. ويقال إن الملك المؤيد عندما فتح بلاد الشام جعل هذه المدينة قاعدة ملكه، وتسمّى بسلطان حماة. وينسب إليها بعض العلماء والملوك، وأشهرهم المؤرّخ أبو الفداء الحموي أحد ملوكها من الأيّوبيّين، والجغرافي الكبير ياقوت صاحب المعجم، وتقي الدين ابن حجّة الشاعر المعروف. ومن أشهر بيوتها الّتي يفتخر بها أهل حماة ويذكرونها بالفضل والسيادة بيت الشيخ عبد القادر الكيلاني، شيخ الطريقة الكيلانية المعروفة. أمّا صناعتها فمنحصرة في اِصطناع الأشياء العمومية الّتي لا يستغنى عنها من المنسوجات الحريرية والقطنية والأحذية وما أشبه ذلك. ومن محاصيلها الحنطة والشعير والذرة وغيرها من الحبوب والفواكه الّتي يصدر كثير منها إلى طرابلس،
ويرسل أيضاً كثير من سمنها وجبنها إلى أسواق الشام وزحلة وغيرها. وتجارتها دائرة على تلك المصنوعات وهذه المحاصيل.
وقد فتحت حماة سنة 17 هجرية على أيدي المسلمين، وكان بطلها ذلك الفاتح العظيم أبا عبيدة بن الجراح فإنّه، رضي الله عنه، قصدها بعد فتح حمص فتلقّاه أهلها مذعنين فصالحهم على الجزية والخراج. وقد توالت عليها بعد ذلك جملة حوادث عظيمة ففي سنة 290 قصدها القرامطة وقتلوا أهلها ولم يبقوا على النساء والأولاد. وفي سنة 352 خربت حماة بالزلازل الّتي أصابت الديار الشامية. ويروى أنّ معلماً خرج من المكتب فلمّا حدثت الزلزلة سقط المكتب على الصبيان فهلكوا عن آخرهم، ولم يأت أحد يسأل عن ولده، ممّا كان دليلاً على أن جميع آبائهم هلكوا في تلك الحادثة أيضاً. وفي سنة 565 تخرّبت بالزلازل أيضاً، وملكها السلطان صلاح الدّين الأيوبي سنة 570 مظهراً طاعة الملك الصالح بن نور الدين زنكي. وفي سنة 573 حصرها الإفرنج، وكان فيها خال صلاح الدين مريضاً وكانت بينهم وبين أهلها مقتلة عظيمة، وأقاموا على قتالها أربعة أيّام، ثمّ استظهر عليهم المسلمون فرحلوا