كان من الرؤساءِ المتعلِّقينَ بطَرَفٍ صالح من العلم الراغبينَ في طلبِه ولقاءِ حَمَلتِه والأخْذِ عنهم، ودَخَلَ الأندَلُسَ.
دَرسَ عِلمَ الكلام وأصُولَ الفقه على [أبي عبد الله بن عبد الكريم الفَنْدَلاويِّ وصَحِبَه] إلى أن توفِّي، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن عبد الله السّلالقيِّ [رَوى عنه "البُرهانيّةَ"] وأبي العبّاس القورائيِّ الحافظِ، وفي شيوخِه كثرةٌ من غير [أهل بلدِه، إذْ] كان لا يَرِدُ على فاسَ عالمٌ إلا لقِيَه وأخَذَ عنه، فكثُرَ لذلك [شيوخُه، كان بعضُ] المصنِّفينَ يَدْعونَه بالظاعِن المقيم.
رَوى عنه أبو إسحاقَ ابنُ ... ، وأبو الحَجّاج المُكَلّاتيُّ، وأبو الحَسَن الشارِّيّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمدَ ابن الحَجّام وابن يحيى ابن هشام، وآباءُ العبّاس: ابنُ محمد ابن تامَتِيت وابنُ عليّ بن هارون وابنُ فُرتون، وأبو القاسم ابنُ رَحْمون، وآباءُ محمد: ابن أبي بكرٍ السَّطّاحُ (?) وابن عبد الرّحمن العراقيُّ، وعبدُ الحقِّ بن حَكَم.
وكان صَدوقَ اللّسان، حسَنَ الاعتقاد، طيِّبَ النفْس واسعَ المعرفة متفنِّنًا في علوم، مبرِّزًا في الفقه وأصُولِه إمامًا فيهما متقدِّمًا في عِلم الكلام، والاطّلاع على السِّيَر والأخبارِ والتواريخ والأشعار، رَيّانَ من الأدب (?)، سريعَ الحفظِ ثابتَهُ وَقّاد القريحة، ثاقبَ الذّهن، قَطَعَ عمُرَه كلَّه صَرُورةً لم يتزوَّجْ قَطّ.