(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)
وقيل لرابعة: ألا تسألين اللَّه في دعائك الجنة، فقالت: الجار قبل الدار. وبهذا النظر قال بعضهم: من عبد اللَّه بعوض فهو لئيم.
وقال بعض العلماء: هذه المنازل الثلاث منازل الظالم والمقتصد والسابق، وأجدر أن تكون هذه منازل هؤلاء الثلاثة لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " سائل العلماء، وخالط الحكماء، وجالس الكبراء "، وقد قال بعض العلماء: مساءلة العلماء ترغبك من اللَّه في ثوابه، وتخوفك من عقابه، ومخالطة الحكماء تقربك من الحمد وتبعدك عن الذم،
ومجالسة الكبراء تزهدك فيما عدا فضل الباري.
وذلك ضربان: قصور، وتقصير.
فأا القصور: فبأن لا يكون له المعانىِ العشرة التي قدمناها، ولا التمكن من
اكتسابها، أو يكون له ذلك ولكن يعوقه عن استعماله عائق من مرض أو شغل ضروري يعذره، كحاجته إلى السعي فيما يسد به جوعته، ويستر به عورته، وهما عدم الوسع المذكور في قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)
ودواء الأمرين الفزع إلى اللَّه والتضرع إليه أن يجبر نقصه بتمام جوده وسعة رحمته.
وأما التقصير: فأربعة أشياء:
الأول: أن يكون إنسان لا يعرف الحق من الباطل، ولا الجميل من القبيح فبقي غفلًا، ودواءه سهل وهو التعليم الصائب.
والثاني: أن يكون قد عرف ذلك لكن لم يتعود فعل الصالح، وزين له سوء عمله فرآه حسنًا، فتعاطاه، وأمره أصعب من الأول، لكن يمكن أن يقهر على العادة الجميلة