وقيل لمعاوية - رحمه الله -: ما المروءة، فقال: إطعام الطعام، وضرب الهام، وقيل للأحنف
فقال: أن لا يفعل في السر ما يستحي منه في العلانية، وقيل لآخر فقال: جماعها في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) .
وأما الكرم: فاسم لجميع الأخلاق والأفعال المحمودة إذا ظهرت بالفعل، والحرية مثله، لكن يقال ذلك فيمن لا تستعبده المطامع والأغراض الدنيوية.
وذكر بعض الحكماء أن الحرية تقال في المحاسن الصغيرة والكبيرة، (والكرم لا يقال إلا في المحاسن الكبيرة) ، كمن ينفق مالًا في تجهيز جيش في سبيل اللَّه تعالى، أو تحمل حمالة يرفأ بها دماء قبيلة.
فكل كرم حريةً، وليس كل حرية كرمًا، وأيضًا فالحرية تتعلق بالتلطف عن الأخذ أكثر، والكرم يتعلق بالإنفاق أكثر، ويضاد الكرم اللؤم، والحرية العبودية، أعني الذكورة في قول الشاعر:
والعبد لا يطلب العلاء ولا ... يعطيك شيئًا إلا إذا رهبا
وكما أن الكرم أعم من الجود فاللؤم أعم من البخل، ولا يدخل في الحرية والكرم النساء، لأنهن مستخدمات، بل مستعبدات، ولذلك روي: " لو أمر اللَّه مخلوقًا بعبادة مخلوق لأمر النساء بعبادة أزواجهن ".