إنسانًا، وذلك لا يستحق به ملامة، ما لم يقع من صاحبه تقصير في الاحتراز.

والثاني: ما يتولد عن فعل ليس له أن يفعله، كمن شرب فسكر، فحمله سكره على أن كسر إناء أو ضرب إنسانًا، فإن ذلك يستحق الملامة وإن لم يرد كسر الإناء

وضرب الإنسان، فقد ارتكب محظورًا أدى به إلى وقوع ذلك منه.

فالضرب الأول يقال فيه: أخطأ فهو مخطئ، والثاني يقال فيه: خطئ فهو خاطئ؛ ولهذا قال أهل اللغة: خطئ ما كان على سبيل العمد، وأخطأ ما كان على سبيل السهو.

الأسباب التي يمكن نسبة الفعل إليها

أكثر الأسباب التي يحتاج إليها الفعل في وجوده عشرة أشياء:

يحتاج في حصوله إلى فاعل يصدر عنه الفعل كالنجار، وإلى عنصر يعمل فيه

كالخشب، وإلى عمل كالنجر، وإلى زمان، وإلى مكان يعمل فيهما، وإلى آلة يعمل بها كالمنجر والمنحت، وإلى غرض قريب كاتخاذ النجار الباب، وإلى غرض بعيد كتحصين البيت به، وإلى مثال يعمل عليه ويحتذي به، وإلى مرشد يرشده.

وكل ذلك قد ينسب إليه الفعل فيقول: أعطاني زيد؛ إذا باشر الإعطاء، وأعطاني الله؛ لما كان هو الميسر له، وربما جمع بين السبب القريب والبعيد، فيقول: أعطاني اللَّه وزيد.

قال الشاعر:

حبانا بها جدنا والإله ... وضرب لنا أجذم صارم

فنسب إلى السبب الأول وهو اللَّه تعالى، وإلى السبب المتأخر وهو الضرب، وإلى المتوسط وهو الجد، وقال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)

وقال: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)

فأسند الفعل في الأول إلى الآمر به، وفي الثاني إلى المباشر له.

وقد قال الشاعر في صفة درع:

وألبسنيه الهالكي. وقال: كساهم محرق، فنسب الفعل إلى عاملها، وفي الثاني إلى مستعملها. وقال في صفة نباله: كستها ريشها مضرحية، فنسب كسوتها إلى الطائر الذي اتخذ ريشه فجعل لها.

وقد قيل: يداك أوكتا، وفوك نفخ، فنسب الفعل إلى الآلة المتصلة، ويقال: سيف قاطع، فنسب الفعل إلى الآلة المنفصلة، وقيل: ضرب فيصل وفاصل، وطعن خائف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015