الأفعال ضربان: إرادي وغير إرادي.
والإرادي ضربان: ضرب عن روية، وضرب لا عن روية.
فالذي عن روية ضربان: أحدهما: الذي عن روية تظن في غاية الشرف، وهو ما يكون بحسب النفس الناطقة، ويسمى الاختيار، وهو طلب ما هو خير له، ويستحق به أبدًا الحمد إذا كان على الحقيقة اختيارًا.
والثاني: عن روية فيما ليس هو في غاية الشرف، وذلك إما بحسب القوة الغضبية:
وهو دفع ما يضره، وإما بحسب القوة الشهوية. وكل منهما إذا كان بقدر ما يوجبه العقل يستحق به الحمد، وإذا كان زائدًا أو ناقصًا عما يوجبه العقل يستحق به الذم.
والإرادي الذي عن غير روية واختيار ضربان:
أحدهما: ما يفعله في نفسه.
والثاني: ما يفعله بغيره.
وكل واحد منهما ضربان: نفع وضر. فما قصد به نفع نفسه فقد يستحق به الحمد وما قصد به نفع غيره فقد يستحق به الحمد والشكر معًا، وما قصد به ضر نفسه فقد يستحق به الذم، وما قصد به ضر غيره فقد يستحق به الذم والعتب عليه.
وغير الإرادي ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: أن يكون قسريا، وهو: ما يكون مبدؤه من خارج ولا يكون من أربابه معونة بوجه، كمن دفعته ريح فسقط على آنية
فكسرها، فلا ملامة فيه بوجه.
والثاني: أن يكون إلجائيَّا كمن أكرهه سلطان على أن يفعل فعلًا ما، وهذا متى كان الملجأ إليه قبيحا جدا، والسبب الملجئ إليه خفيفا
يستحق مرتكبه الذم، كمن يُضرب ليقتل إنسانا، ومتى كان الملجأ إليه ليس بجد قبيح، والسبب الملجئ إليه عظيما، لا يستحق مرتكبه الذم كمن يوضع على حلقه السيف ويُهدٌد أن يُقتل إن لم يتكلم بكلام قبيح، وكلاهما يقال له: إكراه.
والثالث: الخطأ، وهو ما يكون مبدؤه من صاحبه وذلك نوعان:
أحدهما: ما تولد عن فعل وقع منه، وله أن يفعله، كمن يرمي هدفا فأصاب