الناس إذا همَّ بالعدل وتحراه فقد عدل مع نفسه قبل أن يعدل مع غيره، وقد قال بعضهم

الظلم ثلاثة: الظالم الأعظم: وهو الذي لا يدخل تحت شريعة اللَّه تعالى وإياه عنى بقوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) .

والأوسط: وهو الذي لا يلتزم حكم السلطان.

والأصغر: هو الذي يتعطل عن المكاسب والأعمال فيأخذ منافع الناس ولا يعطيهم منفعة، ومن خرج عن تعاطي العدل بالطبع وبالخلق والتخلق والتصنع والرياء والرغبة والرهبة فقد انسلخ عن الإنسانية، ومتى صار أهل كل صقع على ذلك فتهارشوا وتغالبوا وأكل قويهم ضعيفهم ولم يبقَ فيهم أثر قبول لمن يمنعهم ويصدهم عن الفساد، فقد تقدم أن عادة الله سبحانه في أمثالهم إهلاكهم وإفناؤهم واستئصالهم عن آخرهم.

الأسباب التي يحصل منها الأضرار

جميع ذلك أربعة أسباب:

الأول: الشرارة: كمن يضر بغيره مستلذًّا لفعله وذلك أخس الوجوه.

والثاني: الشهوة: وهو أن يقصد إدراك شهوة ما، فرأى أنه لا يمكنه تحصيلها إلَّا بأن يضر بغيره، كعامة المتلصصة والعاثين في الأرض بالفساد.

والثالث: الخطأ: وهو أن لا يقصد الإضرار بمن ضره بوجه، بل قصد فعلًا آخر، فاتفق منه ذلك، كمن رمى قرطاسًا في هدف فأصاب رجلًا، فهذا معذور من وجه.

والرابع: الشقاوة: كمن حملته ريح فأوقعته على إنسان فمات ذلك الإنسان، فهذا معذور ومرحوم.

المكر والخديعة والكيد والحيلة

المكر والخديعة: متقاربان، وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف

ما يقتضيه ظاهره، وذلك ضربان:

أحدهما مذموم: وهو الأشهر عند الناس والأكثر، وذلك أن يقصد فاعله إنزال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015