العجب

العجب: ظن الإنسان في نفسه استحقاق منزلة هو غير مستحق لها؛ ولهذا قال أعرابي لرجل رآه معجبًا بنفسه: يسرني أن أكون عند الناس مثلك عند نفسك، وأكون في نفسي مثلك عند الناس، فتمنى حقيقة ما يقدره المخاطب، ورأى أن ذلك إنما يتم حسنه متى عرف هو عيوب نفسه، وقد قيل للحسن: من شر الناس، فقال: من يرى أنه أفضلهم، وقال بعضهم: الكاذب في نهاية البعد من الفضل، والمرائي أسوأ حالًا منه، لأنه يكذب بفعله وقوله، والمعجب أسوأ حالًا منهما، فإنهما يريان نقص أنفسهما

ويريدان إخفاءه، والمعجب عمي عن مساوئ نفسه ورآها محاسن وسرَّ بها، قال: ولأن المرائي والكاذب قد ينتفع بهما كملاح خاف ركابه الغرق من مكان في البحر فبشرهم بتجاوزه قبل أن يجاوزه، لئلا يضطربوا خوف الغرق فيؤدي ذلك بهم إلى العطب،

وقد يحمد رياء الرئيس إذا قصد أن يقتدى به في فعل الخير، والمعجب لا حظ له في ذلك بوجه " ولأنك إذا وعظت المرائي والكاذب فنفسهما تصدقك وتبكتهما لمعرفتهما بنقصهما، والمعجب لجهله بنفسه يظنك في وعظه مغاليًا فلا ينتفع بمقالك، وإيَّاه قصد تعالى بقوله: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا)

ثم قال تعالى: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)

تنبيهًا أنهم لا يقلعون لإعجابهم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

" ثلاث مهلكات: شح، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه "،

وقد قال إبليس: إذا ظفرت من ابن آدم بثلاث لا أطالبه بغيرها: إذا عجب بنفسه، واستكثر عمله ونسي ذنوبه، وكما أن العجب بفرسه وإن كان رديئًا لا يروم أن يستبدل به غيره، كذلك العجحب بنفسه لا يريد بحاله وإن كانت رديئة بدلًا، وأصل الإعجاب من حب الإنسان

نفسه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " حبك الشيء يعمي ويصم " ومن عمي وصم تعذر عليه رؤية عيوبه، فيجب علينا أن نجعل على أنفسنا عيونًا تعرفنا عيوبنا بحق.

قال عمر رضي اللَّه تعالى عنه: " رحم اللَّه امرأ أهدى إلي عيوبي "، ويجب على الإنسان إذا رأى من غيره سيئة أن يرجع إلى نفسه فإن رأى فيها مثل ذلك أزاله ولا يغفل عنه. شعر:

فمن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015