وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ فَأَمَّا الطَّرِيقُ الَّتِي يُسْلَكُ بِهِ فِيهَا إِلَى الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ سَبَبٌ مُوصِلٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَمَّا وَضْعُ الْمَلَائِكَةِ أَجْنِحَتَهَا فَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ فَتَجْلِسُ إِلَيْهِ لِتَسْتَمِعَ مِنْهُ وَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ تَوْقِيرًا لَهُ وَقِيلَ تَكُفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ لِتَبْسُطَ أَجْنِحَتَهَا لَهُ بِالدُّعَاءِ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ لَمَا فَعَلَتْهُ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ فَمَنْ دُونَهُمْ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ اتِّبَاعًا لِمَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَاصَّةِ مَلَكِهِ وَأَمَّا اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ فَهُوَ طَلَبٌ وَدُعَاءٌ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَأَحَدُنَا يُسَافِرُ الْبِلَادَ الْبَعِيدَةَ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ لَعَلَّهُ يَدْعُو لَهُ فَمَا ظَنُّكَ بِدُعَاءِ قَوْمٍ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يؤمرون فيا حبذا هَذِه النِّعْمَة وَأما التَّشْبِيه بالبدر فَفِيهِ فَوَائِد إِحْدَاهَا أَنَّ الْعَالِمَ يَكْمُلُ بِقَدْرِ اتِّبَاعِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا} والسراج هُوَ الشَّمْس لقَوْله تَعَالَى {وجعلناك سِرَاجًا وهاجا} وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَسْتَفِيدُ ضَوْءَهُ مِنَ الشَّمْسِ