بانقضائه، وكان عقب الشهر في استقبال شهر رجب الشهر الأصم، سمي بذلك لأن العرب أسقطت فيه قعقعة السلاح؛ وكأن المثل إنما جرى في مضمار، على مفرق الليل والنهار، وأرى الناس مخايل السعد والإيناس، وهو قولهم: عش رجبا تر عجبا؛ وكان هذا العجب آخر يوم من الليالي، وقامت فيه دولة هذا الملك العالي، والشمس تأخذ من قعر الفلك في الصعود، وتؤذن بجري الماء في العود؛ وتترقى بالعالم في درج السعود:

واستقبل الملك إمام الهدى ... في أربع بعد ثلاثينا

خلافة العالي سمت نحوه ... وهو ابن خمس بعد عشرينا

إني لأرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الملك ثمانينا

لا رحم الله امرءاً لم يقل ... عند دعائي لك آمينا فسفرت الدنيا قناعها فتية، وبلغت النفوس بخلافته الأمنية، وانثالت عليه بيعات الأمصار، وأمت حضرته الرسل من جميع الأقطار، وبدأ بالفضل، وصدع بالعدل، فأحيا مآثر آبائه الطاهرين، وفي وصف دولته يقول من اتسم بسيماء نعمته، ومحبة دعوته:

ضحك الزمان إليك بعد عبوس ... ونفى دجى الإيحاش بالتأنيس

فأدر نجوم الراح في فلك المنى ... وتطوف نحوك من أكف شموس

في روضة تحيي النفوس كأنما ... باتت تنفس عن علا إدريس

ملك أقام الله دولة ملكه ... فكبا من الأعداء كل رئيس

من دوحة الوحي التي بسموها ... درست معاني الكفر أي دروس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015