الأدب، [محصد السبب] ، ذهب بفصوصه وعيونه، وتلاعب بمنثوره وموزونه، وتصرف بين مذاله ومصونه؛ إلا أن أكثر ما ألفيت له من المقطوعات والأبيات، في الزهد والعظات، وقد كتبت منها ما هو من شرط هذا المجموع.
أخبرني من لا أرد خبره عن الفقيه أبي المطرف الشعبي عن شيخه هذا الفقيه أبي عمر بن عيسى، قال: خاطبت الوزير أبا العباس بن العريف في أرض تعدى علي فيها برقعة منها:
أما بعد، وفقك الله لما يرضيه منك عملاً، ويرضيك منه جزاءً؛ فإن للدنيا حرثاً والناس زارعون، وكل في معاده، يأكل من حصاده، وذو الجاه يسأل في الآخرة عن جاهه، كما يسأل ذو المال عن ماله. وقد أحوجت الأيام إلى جاهك، وأغنت القناعة عن مالك، فاتخذ عندي اليوم يداً، تجدها عند الله مضاعفة غداً، فالحظ حاجتي بعين يقظتك، ولا تلحظها بعين سنتك، فان لله لوحاً ضمنه المقادير كلها، يلحظه في كل يوم وليلة ثلاثمائة وستين لحظة، يحي بكل لحظة ويميت، ويعز ويذل، ويرفع ويضع، ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد؛ واعلم أنك تلحظ بمثل ما به تلحظ.