فأكثروا وأجادوا، وأبدوا وأعادوا؛ منهم الشيخ الفقيه أبو بكر بن خازم وبقية الأعيان - كان - في ذلك الأوان من أهل قرطبة وذوي السوابق النبيهة فيهم، رثاه بقصيدة أولها:
ألم تر أن الموت نادى فاسمعا ... فأنت جدير أن تشيب وتجزعا....
ولما فشى بين البرية نعيه ... أصم به الناعي وإن كان اسمعا
ومما شجاني أنني إذ سمعته ... تمنيت أن نسقى كؤوس الردى معا
فقطع قلبي ثم سال بمدمعي ... فيالك دمعا من فؤاد تقطعا! ومعنى هذا البيت الأخير مشهور، وقد اندرج منه في تضاعيف هذا التصنيف كثير، ومنه قول ابن دريد:
قلب تقطع فاستحال نجيعا ... وجرى فصار مع الدموع دموعا رجع:
فيا طالبا للعمل لا تطلبنه ... بطي الثرى قد غادروا العلم أجمعا
أبعد أبي مروان تبصر عالما ... نبيها لأنواع العلوم مجمعا -
إذا ما احتبى في مجلس العلم أنصتوا ... له وأتى بالمعجزات فأبدعا
وما كان إلا الغيث عم بنفعه ال ... أنام فلما هم بالري أقلعا