صميم الأموال، وجلا عليه وجوه الآمال، وإنما كان أراد أن يثل عرش الباديسي بالصمادحي، لما كان يعلم من كلاله، ويتيقن من قلة استقلاله؛ وقد عزم ساعة يخلو له وجه ابن صمادح بعد باديس أن يتمرس بجانبه، ويلحقه بصاحبه، كأنه نظر خبر عبيد الله بن ظبيان، حين وضع رأس المصعب بين يدي عبد الملك بن مروان، فسجد عبد الملك، قال ابن ظبيان: فقمت في ركابي، وأحس بي ورفع رأسه وقال: ما الذي أردت أن تصنع - قلت: هممت أن أقتلك فأكون قد قتلت ملكي العرب في يوم واحد. فقال: لولا منتك علينا برأ المصعب، لكان عنقك أهون ما يضرب. فأراد هذا اليهودي على انحطاطه عن الرجال، وانخراطه في سلك ربات الحجال، أن يستدرك على ابن ظبيان، بقتل رئيسين من رؤساء ذلك الزمان؛ فلما تم تدبيره، واستوسقت له أموره، لزم سكنى القصر، وأخذ مفاتيح المصر، وأظهر لصاحبه أن الناس قد ملوا سياسته، ونفسوا عليه رياسته.

وركب ابن صمادح بعسكره، وكمن حيث يسمع صوت المهيب، ويتنسم - بزعمه - روح الفرج القريب. فلما كان اليوم الذي أراد أن يختمه بداهيته الدهياء، ويلبس سواد ليلته لغدرته الشنعاء، نذر به قوم من الرجالة المغاربة؛ وقد كان الناس قبل ذلك استرابوا باختلال الشان، واستوحشوا من احتجاب السلطان، وقد كان اليهودي ملك ابن صمادح أكثر حصون غرناطة باحتجان أموالها، وإفساد رجالها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015