فأضافها ابن صمادح إلى بلده، وباديس لا يشعر بخروجها عن يده، واليهودي أثناء ذلك يريش ويبري، وشفرته في أديم صاحبه تخلق وتفري، فلما كان اليوم الذي أراد الله فيه إزالة نعمته عنه، وإراحة عباده وبلاده منه، نذر به أولئك المغاربة، فأعلنوا بالصياح، وثاروا إلى السلاح؛ وأتى الصريخ بقية الجند وعامة أهل البلد، ونادى مناديهم: غدر اليهودي وخان، وطاح المظفر - يعنون باديس - وحان! فدخلوا القصر من كل باب، وهتكوا حرمة اليهودي دون حجاب، فقتل - زعموا - في بعض خزائن الفحم. وسمع باديس الوجبة فخرج يقول: إسماعيل لا يحفل بسواه، ولا يرتاع لشيء يسمعه من ذلك ولا يراه.

وقد استطال الناس على يهود، وقتل منهم يومئذ نيف على أربعة آلاف، ملحمة من ملاحم بني إسرائيل، باءوا بذلها، وطال عهدهم بمثلها. ورجع ابن صمادح قفد صفرت يداه، وأخلفه ما تمناه، وانقلب اليهودي مذموماً مدحوراً، لم يمتع بدنياه، ولا خلص إلى ما رجاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015