وادرعت من حبائه الفضفاضة الجدلاء، فيبصر هنالك، مملوكه ابن مالك، يلاعب الأسنة كعامر بن مالك، فينظر أحسن منظر، ويبلو أفضل مخبر، رب القصائد والقنا المتقصد، فطوراً طعناً بالمثل، وضرباً بالمنصل، وطوراً ارتجالاً بالخطبة الفيصل، كخطبة قيس بن سنان، في حمالة عبسٍ وذبيان، خطبة تباري الريح في هبوبها، من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، حضاً على السلم والمحاجرة، ونهياً عن الحرب والمناجزة؛ فلو شهد هنالك لشهد أمراً معجباً، وأبصر خطيباً مسهباً فيرى شقشقةً وقرماً مصعباً، يجنحهم إلى السلم لماً لماً وثباً وثباً.

قال ابن بسام: ومد ابن مالكٍ في رسالته هذه أطناب الإطناب، وشن الغارة فيها على عدة شعراء وكتاب، من جاهليين ومخضرمين، ومحدثين معاصرين، ولو ذكرت من أين استلب واختطف، جميع ما وصف، وانصرف إلى كل أحدٍ كلامه، نثره ونظامه، لحصل هو ساكتاً، وبقي باهتاً.

ومن شعر له من قصيدةٍ في يوسف بن هود أولها:

شرخ الشباب أمن روحٍ وريحان ... عصراك أم جوهر في الوهم روحاني

عهدي بليلك فجراً والهجير ضحىً ... ضحيان أزهر رقراق الأصيلان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015