رحب الفناء، جزل العطاء، حليما عن الدماء والدهماء؛ طافت به الآمال، واتسع في مدحه المقال، وأعلمت إلى حضرته الرحال، ولزمه جملة من فحول شعراء الوقت كأبي عبد الله بن الحداد وأبي الفضل ابن شرف وابن عبادة وابن الشهيد وغيرهم ممن لم يعلق بسواه سببا، ولا شد إلى غير ذراه كورا ولا قتبا.

وقد كانت بينه وبين حلفائه من ملوك الطوائف في الجزيرة، فتون مبيرة، غلبوه عليها، وأخرجوه من سجيته مكرها إليها، لم يكن مكانه منها بمكين، ولا صحبه فيها بمبين. وقد اندرجت له ولهم في تضاعيف هذا التصنيف قصص تضيق عنها الأيام، وتتبرأ منها القراطيس والأقلام.

ولما أهابوا بأمير المسلمين وناصر الدين أبي يعقوب يوسف بن تاشفين، رحمه الله، دخل ابن صمادح في غمارهم، ومشى على آثارهم، فخرج عن المرية إلى لييط يجر جيشا، لا تتأيى الطير غدوته، ولا يتوقع العدو وطأته:

ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات فألفى بها أمير المسلمين قد وضع قدمه على صلعته، وضرب أبنيته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015