الملوكية، جميل الوجه، حسن الخلقة، كلفاً بالأدب، مؤثراً له على سائر لذاته، جماعاً للدفاتر، [مقتنياً للجيد منها] ، مغالياً فيها، نفاعاً من خصه بشيء منها، لا يستخرج منه شيء للؤمه إلا في سبيلها، أثرى كثير من الوراقين والتجار معه فيها، حتى جمع منها ما لم يكن عند ملك. حكى وراقه أنه حصلها قبل مقتله بسنة، فبلغت المجلدات في التحصيل أربعمائة ألف، وأما الدفاتر المحزومة فلم يقف على عددها لكثرتها.

وكان مع ذلك أغنى ملوك الأندلس، ولا يعلم ابن ورث لأبيه ما ورثه أحمد هذا. زعم بعض من عرف أمره أن ماله العين بلغ خمسمائة ألف مثقال جعفرية، سوى فضة والآنية والحلية. وأما الأمتعة في المخازن والكسوة والطيب والفرش فبحسب ذلك. ثم حاط هو تلك النعمة بالبخل الشديد القبيح، وحماها بالإمساك الصريح، وأثلها بالاكتساب والترقيح، حتى أضعفت أضعافاً؛ ولم يوفقه الله فيها لبر مزلفٍ إليه، ولا لصنيعة مشكورة منته، بل كره الخلق فيه بالكبر والعجب، والصلف والتيه، فطمست بذلك محاسنه، ووضحت مقابحه.

وحسبك من جهله وعجبه أن عامل أهل قرطبة الذين فيهم منتماه، وهم بقية الناس، أيام دخلها مع زهير صاحبه، بأسوأ ما عنده، فحجب كبيرهم الشيخ أبا عمر ابن أبي عبدة من غير عذر، وما عرف عباس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015