منه على عظيم ما كان يعطي في فديته، وتولى قتله بنفسه [مع] أخيه بلقين إغراقاً في العداوة وتحققاً في الأنفة. فانصرف يوماً من بعض ركباته مع أخيه بلقين، فلما توسط الدار التي فيها أحمد بن عباس وقف فيها هو وأخوه بلقين وصاحبه الخاصة عليّ بن القروي لا رابع لهم، وأمر بإخراج أحمد إليه، فأقبل يرسف في قيوده، حتى أقيم بين يديه، فأقبل على سبه وتبكيته بذنوبه، وأحمد يلطفه ويسأله إراحته مما هو فيه، فقال له: اليوم تستريح من هذا الألم وتنتقل إلى ما هو أشد! وجعل يراطن أخاه بلقين بكلامه، فبان لأحمد وجه الموت منه، وجعل يكثر الضراعة لباديس ويضعف له عدد المال، فأثار غضبه وهز مزرقته، فأخرجها من صدره، فاستغاث الله عند ذلك - زعموا - وذكر أولاده، فاعتوره أخوه بلقين بزرقات كثيرة كبته لوجهه، وشركهما ابن القروي فمزقوه. وأمر باديس بحز رأسه، وووري خارج القصر. وزعموا أن القيد الذي بساقه عسر إخراجه بعد موته على خازن باديس فرض قدميه حتى، انتزعه وهما القدمان الدرمان والكعاب التي لم يخشن لها موطئ في سالف الزمان. فمضى ابن عباس [بسبيله] ، رحمه الله، على هذه السبيل، ولم تبك أرض عليه، ولا قطع ذنب عنزٍ فيه.

وكان أحمد بن عباس كاتباً حسن الكتابة، مليح الخط، جيد الخطابة، غزير الأدب، قويّ المعرفة، شارعاً في الفقه، مشاركاً في العلوم، مقتبساً للشعر من غير طبعٍ فيه، حاضر الجواب، ذكي الخاطر، جامعاً للأدوات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015