ولما سقط إلى المرية خبر زهير ملكوا بلدهم، وكاتبوا عبد العزيز بن أبي عامر، فلحق بالمرية ودخلها عفواً إثر الوقعة، وذلك منسلخ ذي القعدة سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وظفر من تركه مولاه زهير وأصحابه الصقلب المصابين معه في هذه الوقعة على أموال عظيمة، وأمتعة رفيعة تفوت الإحصاء والقيمة، أمسى فيها عبد العزيز مخرقاء وجدت صوفاً، فرط تبذير، إلى مال كثير من العين أصابه ببيت مال زهير من الورق والذهب، ووضع عبد العزيز كل ذلك غير موضعه، فتضاعفت البلية.
@مقتل أحمد بن عباس
قال ابن حيان: وكان باديس قد أرجأ قتله مع جماعة من الأسرى، وكان الرئيس أبو الحزم قد وجه رسولاً إلى باديس شافعاً في جماعتهم، مؤكداً في شأن أحمد بن عباس، وكان أبعدهم من الخلاص واعتذر في حبسهم ليمين، مغلظة، وشد صفاد أحمد، ورغب عن الرغائب المبذولة فيه، فاشتد البلاء بأحمد لفرط فزعه وثقل حديده، وامتناعه عن استيفاء الغذاء المقيم لجسمه، وتألمه من عقر القيد لظنبوبه. وظل يستعطف باديس ويشهيه بكثرة ما بذل له من الأموال في فكاك نفسه، وباديس يترجح في ذلك وقتاً، وتأبى له قوة غضبه عليه إلا شفاء بقتله، فآثر الشفاء