حتى تقاطعونا في رضاه - فأجيبوا هذا الفتى أميرنا فيما دعاكم إليه من الألفة. فجعل يستجهلني، ويجيب جواب المتبوع للتابع، وأنا أرفق به بعد أن قبلت وجهه، واستعبرت رقبةً لاستلانته، فلم يزدد بذلك إلا قسوة، وقال: دع القعقاع فليست تهولنا، وكلامي لك الليلة مثل كلامي لك أمس، والله لا نزلتم إلا على رضانا، وإلا أعقبكم على ذلك ندامة؛ " فأحفظني كلامه وقلت: يا هذا أرجع إلى الجماعة - قال: نعم وأشد منه. فانصرفت إلى أميرنا باديس ومن معه من المشيخة، وإن دموعي لتتحدر على وجهي غضباً، فلما رأوا ما بي ابتدروا سؤالي، فخبرتهم وقلت: يا صنهاجة، هذه إحدى الكبر، قوموا لدفاعها بقوة وإلا فليست داركم! فالتظت الجماعة، وسعر بلقين ابن حبوس نار أخيه باديس، فحمى الوطيس، وكان أحرص منه على الحرب، فهيأنا لها، وصبحنا القوم على تعبئة محكمة، فما زالت الشمس إلا وهم جزر مذبحة، ومغويهم ابن عباس بدنة مشعرة.

وكان سبب نجاة القائد ابن شبيب من يدي باديس، وقد أسر ذلك اليوم، أن نظر إلى ابن عباس وهو يقاد إلى بادس أسيراً، فلم يمنعه هول، مقامه أن صاح: حاجب! أسألك بالذي نصرك ألا يفلتك هذا المأبون الزاري بالخليفة! فوالله ما جنى كل هذا غيره، فليتني عاينت حتفه ولا أبالي القتل بعده. فتبسم باديس لقومه وعرف صدقه، وأمر بإطلاقه.

وحكى أحمد القيسي متقبل السكة بالمرية أن مهلك زهير وأصحابه كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015