الفرسان والقواد بالقتل، فكان ذلك من أكبر ما صنعه لخلاف الوجه في قتال أهل القبلة. واشتمل الأسار على حملة الأقلام جميعاً، وفيهم وزيره التياه المستكبر المعجب أبو جعفر أحمد بن عباس، الجار لهذه الحادثة: قيد إلى باديس، وصدره وصدور أصحابه تغلي عليه بما أوقد من هذه النائرة، فأمر بحبسه ليستخرج منه مالاً، وشفاؤه الولوغ في دمه، وعجل عليه إلى مديدة، وحلت به الفاقرة بعد دون أصحابه من حملة الأقلام، فإن باديس عف عن دمائهم من بين أصحاب السيوف إلا من أصيب منهم في الحرب، وأما الأسرى كابن حزم وابن الباجي صاحب الرسائل وغيرهم فأطلقهم.
قال ابن حيان: أخبرني القرشي المعروف بالقط عن شيخ من شيوخ صنهاجة يسمى بلقين قال: سرت والله ليلة الوقعة إلى الرفيع ابن عباس مستنزلاً له عما كان صاحبه زهير تمادى فيه من قطيعة باديس صاحبنا، وعذلته وألطفت وقلت له: اتق الله فإنما هذا منك، وصاحبك منقاد إليك، وقد تعرفنا البركة في تألفنا، وقد رببنا به مثل هذه النعمة التي كثر عليسها حسادنا، فاستدم بنا ما نحن فيه من الاتفاق، ولا تعنق إلى الفتنة، فيزول أكثر ما تراه. ما الذي غركم من موالاة ابن عبد الله