خلفه لا يلوون على شيء، وركبت صنهاجة ولفها [ومن تبعها] من أمداد زناته أكتاف القوم، باذلين السيف فيهم بصدق العصبية وإيثار الفناء، فلم يبقوا على أحد قدروا عليه، ولا فرقوا بين أندلسي ولا جندي ولا سوقي، فأساءوا الاعتداء، وأبادوا أمة، حتى إمام فريضة زهير ولد الفقيه ابن نابل. فاستدل بقتلهم على من سواهم؛ وعلم المنهزمون أنه أخذ عليهم المضيق المعترض في طريقهم، فنكبوا وأخذوا في شعاب وعرة وجبال شامخة، ألجأهم إليها السيف، فكانت حتف من فر، وتقطعوا وتمزقت أوصالهم. وفي هذه السبيل أودي أميرهم زهير وصار ذلك سبب مجهل مصرعه واعتصم الرجالة بتلك الأوعار الأشبة.
وأما السودان من رجالة زهير فإنهم غدروه أول وهلة وعمدوا إلى خزانة سلاحه فنهبوها، ونادوا بشعار صنهاجة، وانقلبوا معهم، ووضعوا السلاح فيهم، وليست بالبدع من أفعالهم، وكانوا قطعة خشنة يتقاربون، الخمسمائة، وكان زهير يعدهم للنائبة، فكانوا أول من أعان عليه. ولؤم مقام الأندلسيين بهذا المأزق وانهزموا، فاصطلم عسكرهم. فنصر باديس، وغنم رجال باديس من المال والخزائن والأسلحة والحلية والعدد والغلمان والخيام ما لا يحاط به وصفاً ولا قيمة.
وظهر باديس في الموقعة على قومٍ من وجوه رجال زهير، فعجل على