عن الهضيمة بنفسه في دنياه؛ والرمز يكفيكم، والإيماء يغنيكم. ولم نجهل علمكم بحال الموصوف، لمعرفتنا بمكانكم من التحصيل، إذ أنتم أهل النظر والتأويل. ولما استوثق الأمر على منهاجه، واستتم الرأي على أدراجه، وهززناكم هزة التذكير ورمينا إليكم بنبذ يسير.
وله من أخرى إلى أبي المغيرة ابن حزم: قرأت الرقعة الكريمة التي ناولتنيها اليد العزيزة، فكأن البدر مدّ إليّ كفاً تخمت بالنجوم الزاهرة، أو الدهر أعطاني بها أماناً من خطوبه الجائرة؛ وعاينت وشياً منمنماً، وأبصرت ريطاً مسهماً، وطفقت ألتمس المجاراة، وأروم المباراة، فإذا شأوي حسير،وباعي قصير، وفمي ملجم، ولساني مفحم، ولأني تعاطيت أسد العرين وهو مشبل خادر، وموج البحر وهو مزبد زاخر:
وفي تعبٍ من يحسد الشمس نورها ... ويطمع أن يأتي لها بضريب لله أنت من نثرة آداب، وسليل أحساب، وسمام حاسد، وسراج محامد، إن ناضل عن الحريم حماه، وإن رمى الغرض أصماه؛ يفتح مغاليق الأمور بسياسته، ويستنزل الشارد الممتنع بلطافته.