إلى هذه الغرائب قراع أسماع الأغمار بها، يريهم وجدوه الاستبصار، فضلاً عمن تدرج في طبقات المعرفة، وجرى على وتيرة الدراية، وسبقت له قدم صدق في الرواية. ثم رفع السوط للسيف، فأوجع قلوب المسلمين باللسان واليد، يحكم كيف شاء في أبشارهم، وصارفهم صرف الدينار بالدراهم في أموالهم؛ لا تتخلل الموعظة قلبه، ولا تقرع التذكرة سمعه، فتارةً يأخذ النصارى واليهود بذنب التوراة والإنجيل، وأخرى يقول للمسلمين توبوا مما عسى أن يكون.
[وفي فصل منها: فإن كاذباً فيا لها حسرة، وإن كان صادقاً فما أحوج الملك إلى القطرة] ! وكتابي هذا إليكم وقد اتفقت الكلمة في وضع رأس الإمارة على كاهله، ونصل الإمامة في نصابه؛ وأعدنا الحق إلى أهله، وأصفقنا على بيعه رضىً واتفاق وطاعة لعبد الله أمير المؤمنين إدريس المتأيد بالله - أيده الله - وطهرنا المنابر من دنس تلك الدعوة المستعارة، وهتفنا بها هتف التباشر، وقامت بها الخطباء على المنابر، وانجلت الغياية عن فلق الصبح، وأقلعت الظلمة عن وضح الشمس، وأزاح - بفضله - تعالى غصة الشك، وشجى الإفك.
فاعتبروا بما ألقينا إليكم اعتباراً من يحتاط لدينه وتقواه، ويرغب